هل تعلم التجويد فرض عين ؟ وما حكم من لم يتعلمه ؟ :: موضوع تجميعي لأقوال العلماء ::
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
ما رأي فضيلتكم في تعلم التجويد والالتزام به ؟ وهل صحيح ما يذكر عن فضيلتكم من الوقوف بالتاء في نحة ( الصلاة - الزكاة ) ؟
فأجاب قائلا : لا أرى وجوب الالتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد ، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة ، وباب التحسين غير باب الإلزام ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كانت مداً قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم . يمد ببسم الله ، ويمد بالرحمن ، ويمد بالرحيم .
والمد هنا طبيعي لا يحتاج إلى تعمده والنص عليه هنا يدل على أنه فوق الطبيعي .
ولو قيل : بأن العلم بأحكام التجويد المفصلة في كتب التجويد واجب للزم تأثيم أكثر المسلمين اليوم ، ولقلنا لمن أراد التحدث باللغة الفصحى : طبق أحكام التجويد في نطقك بالحديث ، وكتب أهل العلم ، وتعليمك ، ومواعظك .
وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل في إلزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع المسلمين وقد ذكر شيخنا عبد الرحمن بن سعدي في جواب له أن التجويد حسب القواعد المفصلة في كتب التجويد غير واجب .
وقد أطلعت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول حكم التجويد قال فيه ص 50 مجلد 16 من مجموع ابن قاسم للفتاوى : " ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه ، وترقيمها ، وتفخيمها ، وإمالتها ، والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه ، وكذلك شغل النطق بـ " أأنذرتهم " وضمالميم من " عليهم " ووصلها بالواو وكسر الهاء ، أو وضمها ونحو ذلك ، وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت " .ا.هـ.
وأما ما سمعتم من أني أقف بالتاء في نحو " الصلاة - والزكاة " فغير صحيح بل أقف في هذا وأمثاله على الهاء .
ومسألة تجويد القرآن اختلف أهل العلم فيها على قولين :
القول الأول : وهو رأي الفقهاء الذي يرون أن تجويد القرآن بمراعاة أحكام التجويد وقواعده سنة وأدب من آداب التلاوة ينبغي مراعاته من غير تكلف ، ولكن ذلك ليس واجبا .
القول الثاني : وهو رأي علماء التجويد القائلين بأن تعلم التجويد والقراءة به واجب على كل مسلم ومسلمة . أخذا بظواهر الأدلة .
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله : ت : 926 هـ:
( من لم يجود ) وفي نسخة : (( يصحح )) ، (القران ) بأن يقرأه قراءة تخل بالمعنى أو بالإعراب ، فهو ( آثم ) ) اهـ .
الدقائق المحكمة : صـ 37 ، عند شرح قول ابن الجزري في المقدمة :
و الأخذ بالتجويد حتم لازم **** من لم يصحّح القُرَان آثم
فتأملوا قوله في الشرح : بأن يقرأه قراءة تخل بالمعنى أو بالإعراب ، وتنبيهَه على أن في نسخة (( يصحِّح )) بدل : (( يجود )) . فذلك دليل بين على أنه وهو من القراء لا يقول بأن التجويد واجب بحيث يأثم من لم يقرأ به .
وقال بعض أهل العلم في التعليق على عبارة الشارح المتقدمة :
يصحح أظهر معنى من رواية (( يجوّد )) ، واستدل بأن ترك نحو الإخفاء و القلقة ليس بإثم فلا بد من تأويله بمعنى العبارة الأخرى كما صنع الشارح . وهذا التعليق موجود على النسخة التي طبعتها مكتبة الإرشاد باليمن . عام 1411هـ .
ولا شك أن قول العلماء بأن التجويد ليس بواجب شرعا لا يقدح في أهمية تعلُّم علم التجويد حتى فيما ليس بواجب منه لأنه لا اختلاف في فضيلة ذلك و أنه حلية التلاوة و زينة القراءة و أنه من إتقان القراءة المندوب إليه . و الله أعلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت
العنوان قراءة القرآن من غير تجويد
المجيب د.مساعد بن سليمان الطيار
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف القرآن الكريم وعلومه/ مسائل متفرقة في القرآن
التاريخ 16/1/1424هـ
السؤال
أنا لا أستطيع أن أقرأ القرآن بأحكام التجويد بشكل جيد، هل أستطيع أن أقرأ القرآن بدون أحكام التجويد؟ فإذا قرأت بصوت منخفض أخشى أن أقرأ القرآن بشكل خاطئ ماذا أفعل؟
الجواب
إذا كنت تستطيعين أن تتعلمي قراءة القرآن وإقامة عربيته فإن الأولى أن تتعلميه على هذا النحو.
وإذا كنت لا تستطيعين فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويكون لك أجران كما أخبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- في قوله:"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأه وهو عليه شاق فله أجران أجر تلاوته وأجر مشقته" انظر: البخاري (4937) ومسلم (798).
حكم تعلم التجويد
السـؤال (20116): بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم الإسلام في تعلم أحكام التجويد؟ وهل يأثم من يستطيع تعلمها ولا يتعلمها؟ وهل عدم الالتزام بها يعد لحنا في القراءة؟ وما هو الحكم في تأخير ختم القرءان لمدة أكثر من شهر؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أجاب عن السؤال الشيخ/ د.مساعد الطيار (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض)
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا السؤال يتضمن عدة أسئلة ، وإليك إجاباتها:
إجابة السؤال الأول: حكم الإسلام في تعلم التجويد وجواب ذلك أن يقال:
التجويد من جهة العموم يراد به تحسين القراءة ، وأن لا يُخرج به عن حدِّ اللفظ العربي في النطق. ويمكن أن يقال: إنَّ التجويد إنما هو وصف للقراءة النبوية التي ورد ضبطها وحفظها من طريق أئمة القراءة كنافع وعاصم والكسائي وغيرهم.
وهؤلاء الكرام قد نقلوا حروف القرآن وكيفية نطق هذه الحروف (أي: التجويد)، وهما أمران متلازمان لا يمكن أن ينفكَّ أحدهما عن الآخر ، فمن قَبِلَ عنهم نقل الحروف لزمه أن يقبل عنهم نقل الأداء (أي : التجويد). وإذا صحَّت هذه المقدمة، فإن قراءة القرآن وأداءه بما نُقِلَ عن هؤلاء الأئمة سنة يلزم الأخذ بها ، ولا تصحُّ مخالفتها أو تركها إلا بدليل قويِّ يعترض به المعترض على علم التجويد، وبما أنه قد كَثُرَ الكلام عن هذا العلمِ بما لا طائل تحته، فإني سأذكر لك جُمَلاً أراها نافعةً ـ إن شاء الله ـ في تأصيل هذا العلم الذي جفاه بعض طلبة العلم، وضعُفَ في بحثه وتحرير أصوله المتخصصون إلا القليل منهم، فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: نزل القرآن بلغة العرب ، ولها طريقة في أداء حروفها ، ولم يرد أن القرآن خالف هذا الأداء من جهة الحروف، فمن قرأ: " الحمد لله" قراها: الهمد لله قيل: إنه قد لحن لحنًا جليًا لأنه لم ينطق بالمنَزَّل على وجهه الذي نزل به، ومن قرأ:" صراط الذين أنعمت عليهم" بضم التاء من أنعمت ، فإنه قد لحن لحنًا جليًا يخلُّ بالمعنى ، ولا يكون قد قرأ المنَزَّل على وجهه الذي نزل به، ومن ثَمَّ فإنه يلزم قارئ القرآن أن يعرف نطق الحروف عربيةً حتى لا يُخلَّ بشيء من أداء القرآن. ويحصل ضبط الحروف من هذه الجهة بمعرفة مخارج الحروف وصفاتها، وأخص ما يُدرسُ في صفات الحروف ما له أثر في النطق ، كالهمس والجهر، والشدة والرخاوة والتوسط والاستفال والاستعلاء، والقلقلة . أما غيرها مما لا أثر له في النطق، خصوصًا صفة الذلاقة والإصمات، فإنها مما لا يدخل في النطق ، وليس لها أي أثر فيه. وليُعلم أن دراسة مخارج الحروف وصفاتها ليس مما يختص به علم التجويد، بل هو مما يُدرس في علم النحو واللغة؛ لأن كلَّ كلام عربي (من كلام العرب أو كلام الرسول –صلى الله عليه وسلم- أو كلام الله سبحانه) لا يخرج عن هذين الموضوعين، ولهذا تجد أن أعظم كتابٍ في النحو، وهو كتاب سيبوية قد فصَّل هذه المسألة ، ومن تكلم في المخارج والصفات وما يترتب عليهما من الإدغام ، فهم عالة عليه. والذي يتخلَّصُ من هذا : أن دراسة المخارج والصفات لازمة لكل كلام عربيٍّ ، لكي يُنطق به على وجه العربية.
ثانيًا: أن هذا العلم ككل العلوم الإسلامية من جهة ظهور التأليف فيه ، إذ ليس كل العلوم الإسلامية مما قد تشكَّل وظهرت مسائله في جيل الصحابة –رضي الله عنهم- أو التابعين وأتباعهم، بل إن بعضها مما تأخر ظهوره، ولم يُكتب فيه إلا متأخرًا ، وإن كانت أصوله مما هو معروف محفوظ عند السلف، سواءً أكان ذلك مما هو مركوز في فطرهم ومن طبائع لغتهم كعلم البلاغة، أم كان مما تكلموا في جملة من مسائله ، ثم دون العلم فيما بعد ، كعلم الأحكام الشرعية.
وعلم التجويد مما كان مركوزًا عندهم بالفطرة والتعلم ، فالفطرة؛ لأنهم عربٌ خُلَّصٌ، والتعلم ، لقوله –صلى الله عليه وسلم- :"خذوا القرآن عن أربعة " فظهر أنَّ الرسول –صلى الله عليه وسلم- لم يكتفِ بسليقتهم العربية في قراءة القرآن، بل أرشدهم إلى قراءته على الهيئة التي نزل بها، ولذا قال:"من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أًُنزل ، فليقرأه على قراءة ابن أم عبدٍ"، وهذا يدل على أنَّ له هيئة قرائية مخصوصة يعلمها بعض الصحابة –رضي الله عنهم- دون بعض ، وفيها زيادة عما يعرفونه من سليقتهم العربية، وإلا لما كان لتخصيص الأربعة، ولا لتخصيص ابن مسعود –رضي الله عنه- في الحديث الآخر أيُّ مزيَّة على بقية الصحابة، والله أعلم. ومن زعم أنه لا يجب الأخذ بالتجويد، وأن العربي في هذا العصر تجوز له القراءة على سليقته العربية، فإنه يشبه من سيزعم أنه لا يلزم الناس تعلم النحو، وأنهم عرب، فيجوز لهم أن يتكلموا بسليقتهم.
فإن قيل: إنَّ ألسنة الناس قد فسدت منذ جيل التابعين ومن بعدهم، وصار تعلم النحو لازمًا لمن أراد أن يعرف العربية ، وأن من يزعم اليوم أنه عربي ، ولا يلزمه تعلم النحو إنما هو ذو رأي فائل، وقول باطل. فيقال: إن فساد ألسنة الناس بالعربية قد جرَّ إلى فساد ألسنتهم في أداء القرآن، ولئن كان الإنكار على من لا يرى دراسة النحو اكتفاءً بعربيته المعاصرة فإن الإنكار على من يزعم أنه يكفي في قراءته عربيته المعاصرة كذلك.
ثمَّ يقال له: من أين لك في عربيتك أن تقرأ برواية حفص عن عاصم مجراها بالإمالة؟
فإن قال: لأنها هكذا رويت عنه ، وأن أقرأ بقراءته؟ قيل له فقد روي عنه الأداء بالتجويد الذي تخالف فيه ولا تراه علمًا، فَلِمَ قبلت روايته في هذا وتركتها في ذا؟ أليس هذا من قبيل التَّحكُّم، والتَّحكُّم كما قال الطبري ـ: لا يعجز عنه أحد.
ثالثًا: إنَّ بعض علم التجويد (الأداء) لا يمكن أخذه من طريق الصُّحِفِ البتة؛ لأنه علم مشافهة، وما كان من طريق المشافهة فإنه مما ينقله الآخر عن الأول، ولا مجال للرأي في المشافهة، واعلم أن مما يميِّز بحث القراء المجودين في هذا المجال عما تجده في كتب النحويين واللغويين أن ما عند المجودين منقول بالمشافهة إلى يومنا الحاضر، أما ما يذكره النحويون واللغويون من المباحث اللفظية التي يذكرونها مما يتعلق بكيفية النطق فإنه لا يمكن معرفة كيفية النطق بها؛ لأنه مما لا يُعرف بالقياس ولا يُدرك بغير المشافهة، وليس لك فيها إلا نقل الكلام المدون دون كيفية نُطقِه.
رابعًا: إن علم التجويد كغيره من العلوم الإسلامية التي دوَّنَها علماء الإسلام وضبطوا أصولها، فتجد أن تقسيم العلم ومصطلحاته الفنية مما يدخلها الاجتهاد.
ثمَّ إن هذا العلم قد دخله الاجتهاد في بعض مسائله، وذلك من دقائق ما يتعلق بهذا العلم، ومما يحتاج إلى بحث ومناقشة وتحرير من المتخصصين في هذا العلم، وذلك في أمرين:
الأول: المقادير، والمقصود بذلك مقدار الغنة والمدود والسكت وغيرها، مما يُقدَّر له زمن بالحركات أو بقبض الأصبع أو بغيرها من موازين المجودين للزمن المقدَّر، وليس القول بدخول الاجتهاد في المقادير يعني أنه لا أصل لها ،بل لها أصل، لكن تقدير الزمن بهذا الحد بالذات مما تختلف فيه الطبائع، ويصعب ضبطه ، فيقدره هذا بذاك العدد ، ويقدره آخر بغيره من العدد، لكنهم كلهم متفقون على وجود مقدار زائدٍ عن الحدِّ الطبيعي لنطق الحرف المفرد. فاتفاقهم على وجود هذا القدر الزائد مسألة ، واختلافهم في مقداره مسألة أخرى، لذا لا يُجعَل اختلافهم في المقدار سبيلاً إلى الإنكار ، كما لا يُجعَلُ مقدارٌ من هذه المقادير المختلف فيها ملزمًا لعامة الناس ما داموا يأتون بشيءٍ منه، إذ ليس كل امرئ مسلم يستطيع بلوغ الإتقان في القراءة.
الثاني: التحريرات، والمراد بها الوجوه القرائية الجائزة عند القراءِ عند جمع القراءات، أو عند قراءة سورة ووصلها بما بعدها، فإن ما يُذكر من الأوجه القرائية إنما هو على سبيل القياس للأوجه الجائزة، ولا يلزم أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ بكل هذه الأوجه المذكورة، كما يقال: لك في وصل الفاتحة بالبقرة ثلاثة أوجه: قطع الجميع، ووصل الجميع، وقطع الأول ووصل الثاني بالثالث، فهذا من التحرير للأوجه الجائزة، وليس من بيان الأوجه الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أشار إلى هذين النوعين (التقديرات والتحريرات) الشيخ المحقق الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري في كتابه العظيم (حديث الأحرف السبعة، ط: مؤسسة الرسالة
129 ـ 130).
خامسًا: إن مما يدعو إلى التأمل والنظر في صحة ما تُلُقِّي من هذا العلم عبر القرون اتفاق المجودين شرقًا وغربًا بلا اختلاف بينهم ، سوى في كيفيات أداء معدودة، وهي في غالبها مما يدخل في محيط الاجتهاد. وهذا الاتفاق يشير بقوة إلى أن لهذا العلم أصلاً ثابتًا مُتلقًا جيلاً عن جيل من لدن الرسول –صلى الله عليه وسلم- حتى عصرنا هذا، ولو كان علم التجويد من المحدثات لوقع فيه مثل ما وقع في محدثات الصوفية من كثرة الطرق المتباينة ، وكثرة الأوراد المتغايرة، ولما لم يقع مثل هذا الاختلاف عُلِم أنَّ المشكاة التي صدر عنها واحدة، وهي التي صدر عنها نقل حروف القرآن جيلاً عن جيل.
سادسًا: إن ما يُعاب به التجويد من وجود بعض المتنطعين في القراءة أو المتشددين في التلقين، أو المغالين في تأثيم الناس بعدم قراءتهم بالتجويد ، فإنه لا ينجرُّ على أصل العلم، ولا يجعله علمًا حادثًا لا أصل له، وهؤلاء الأصناف موجودون في كل عصر ومِصر ، وقد أشار إليهم المحققون من أعلام القراءة ؛ كالداني ( ت : 444 )، وأبو العلاء الهمذاني (ت: 569) وغيرهم، وهؤلاء المتنطعون لا يقاس عليهم ، ولا يحكم على العلم بهم، ولو سار سائر على بعض العلوم كعلم النحو والبلاغة والأصول ، وبعض مسائل الفقه، وبعض تعصبات الفقهاء لمذاهبهم وأخذ ينقدها بقول المتنطعين فيها لما سَلِم من العلوم إلا القليل، ولخرج بعض العلوم من أن تكون علومًا معتبرةً ، وذلك ما لا يقول به طالب علم ، ولا عالم قد مارس العلوم وتلقاها.
سابعًا: إذا تبين ما تقدَّم فإنه يقال: إن تعلم التجويد من السنن التي دأب عليها المسلمون جيلاً بعد جيلٍ، ومن ترك تعلمه مع القدرة عليه ، فقد أخلَّ بشيء من سنن القراءة، وكفى بذلك عيبًا.
إجابة السؤال الثاني: وأما عدُّ ترك الأحكام لحنًا ، فاللحن نوعان معروفان عند أهل الأداء، فإن كان مما يُخِلُّ ببنية الكلمة ويخرجها عن عربيتها فهذا يُسمى اللحن الجلي، ومن كان يلحن لحنًا من هذا النوع فإنه لا يُعدُّ قارئًا للقرآن، ومثله إن كان يستطيع التعلم وتركه فإنه يأثمُ ، أما إن كان لا يستطيع، فإنه لا يأثم، بدلالة قوله -صلى الله عليه وسلم-:" الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق له أجران"، وإن كان يتعلق بتحسين الآداء كعدم الإتيان بالغنة على وجهها ومقادير المدود فهذا يسمى اللحن الخفيَّ ، وتأثيم من ترك هذا الجنس من التجويد صعبٌ ، لكن من ظهر له صحة هذا العلم وصحة نقله عن الأئمة القراء ، فما باله يترك تعلمه وأداءه على هذا الوجه؟!.
إجابة السؤال الثالث: وأما ما سألت عنه من الختم في شهر ، فقد ثبت أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال لابن عمر –رضي الله عنهما-:"اقرأه في شهر ..." الحديث وهذا فيه دلالة على أن أعلى مدة تكون للختم شهر ، وقوله –صلى الله عليه وسلم-:" لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث" يدل على أقل مدة يمكن أن يختم فيها القرآن. ومن تجاوز الشهر في ختمه ، فإنه لا يبعد أن يكون ممن هجر القرآن ، ولا شكَّ في تقصيره في ذلك. والله أعلم. أسأل الله لي ولك حسن التوفيق، والإخلاص في القول والعمل ، هذا ما ظهر لي، فإن كان من صواب فمن الله وحد، وإن كان غير ذلك فمن تقصيري، والله الموفق.
سئل شيخنا العلامه ابن عثيمين:
هل يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن دون الانضباط ببعض أحكام التجويد؟
الجواب: نعم يجوز ذلك إذا لم يلحن فيه فإن لحن فيه فالواجب عليه تعديل اللحن وأما التجويد فليس بواجب التجويد تحسين للفظ فقط وتحسين اللفظ بالقرآن لا شك أنه خير وأنه أتم في حسن القراءة لكن الوجوب بحيث نقول من لم يقرأ القرآن بالتجويد فهو آثم قول لا دليل عليه بل الدليل على خلافه بل إن القرآن نزل على سبعة أحرف حتى كان كل من الناس يقرؤه بلغته إلا أنه بعد أن خيف النزاع والشقاق بين المسلمين وحد المسلمون في القراءة على لغة قريش في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وهذا من فضائله ومناقبه وحسن رعايته في خلافته أن جمع الناس على حرف واحد لئلا يحصل النزاع والخلاصة أن القراءة بالتجويد ليست بواجبة وإنما الواجب إقامة الحركات والنطق بالحروف على ما هي عليه فلا يبدل الراء لاما مثلا ولا الذال زاياً وما أشبه ذلك هذا هو الممنوع. ا.هـ.
وسئل كذلك :
هل يلزم لقارئ القرآن أن يكون ملماً بأحكام التجويد؟
الجواب: لا يلزم لقارئ القرآن أن يكون ملماً بقواعد التجويد ولا يشترط أن تكون تلاوته بالتجويد بل هو مأجور مثاب على قراءته الحروف على ما هي عليه والحركات على ما هي عليه وإن لم يراع قواعد التجويد لكن التجويد في بعضه تحسين للفظ وتزيين للصوت ومن المعلوم أنه ينبغي للمرء أن يحسن صوته بكتاب بالله العزيزنعم. ا.هـ.
وسئل كذلك :
ما معنى حديث (ليس منا من لم يتغنى بالقرآن)؟
الجواب: اختلف شراح الحديث في معناه فقيل المعنى ليس منا من لم يستغنى بالقرآن عن غيره فيكون في ذلك دليل على تحريم الرجوع إلى غير القرآن في العبادة والمعاملات وغيرها وقيل معنى من لم يتغنى بالقرآن أي من لم يحسن صوته الذي يجب عليه في أداء القرآن لأنه يجب على الإنسان أن يحسن صوته على وجه تبين به مخارج الحروف ولا يحصل فيه إدغام يسقط بعض الحروف بغير ما تقتضيه اللغة العربية والمعنيان كلاهما صحيح فالواجب على الإنسان أن يتقن اللفظ بالقراءة في كتاب الله عز وجل وعلى الإنسان أن لا يعدل عن القرآن إلى غيره في التعبد والمعاملات وأما التجويد المعروف فهذا ليس بواجب لكنه من تحسين الصوت بالقراءة لا شك فهو من المحسنات وليس من الواجبات. ا.هـ.
المفتي: عبد الرزاق عفيفي
الإجابة:
المطلوب هو التجويد العملي للقرآن وتلاوته تلاوة صحيحة، ولو بالتقليد والمحاكاة، وهذا الذي كان موجوداً عند الصحابة.
أما القواعد التي وضعت فيما بعد لضبط التلاوة فتعلمها فرض كفاية في حق الأمة كلها، لابد أن يكون فيهم من يتعلمها لكي يعلمها، وهي مستحبة لمن بعدهم ممن قد سقط عنهم الفرض الكفائي.
_______________________________
السؤال: أقوم بتعليم والدتي القرآن، ولكني لا أطبِّق معها أحكام التجويد، حيث أنه يصعب عليها جدّاً فما الحكم؟
المفتي: عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي
الإجابة:
أحكام التجويد ليست واجبة بل مستحبة، المهم أن يقرأ قراءة بيِّنة واضحة، يخرج الحروف، ولا يسقط شيئاً منها، وما زاد على ذلك مستحب ليس بواجب، أحكام التجويد (المد والغنة وأحكام الميم وأحكام النون والسكون) هذا مستحب وأما قول الجزري
والأخـذ بالتجويـد حتم لازم *** مـن لـم يجود القرآن آثم
فليس بصحيح، نعم.
السؤال: هل تطبيق أحكام التجويد واجبة أم لا؟
المفتي: عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي
الإجابة:
مستحبة، المهم القراءة تكون فصيحة واضحة، تخرج الحروف من مخارجها، ما تسقط شيئا من الحروف، هذا هو الواجب، أما التحسينات، المدود والغنة، كل هذه من التحسينات المستحبة، نعم.
_______________________________
السؤال: بعض علماء التجويد قالوا: إن قراءة القرآن بالتجويد واجبة، فما صحة قولهم؟
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين
الجواب: الحمد لله "الصحيح أن قراءة القرآن بالتجويد ليست واجبة، وأن التجويد ليس إلا لتحسين القراءة فقط، فإذا قرأ الإنسان قراءة أوضح فيها الحرف وجعله محركاً بما هو محركٌ به فإن هذا كافٍ، فأما قوله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) المزمل/4 ، فليس معناها جوّده، بل المعنى : اقرأه على مهل" انتهى . "لقاءات الباب المفتوح" (1/177) .
________________________________
نص السؤال: ما حكم تجويد القراءة؟ وما حد اللحن المبطل للصلاة وما الحكم في اللحن في فاتحة الكتاب؟ وماذا تقولون في إمامة من تكثر أخطاؤه بصورة ملفتة للنظر؟
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين
الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التجويد المطلوب هو إظهار الحروف وإيضاحها، قال النووي في التبيان: "وينبغي أن يرتل قراءته، قال الله -تعالى-: {ورتل القرآن ترتيلاً} (المزمل:4). وروى أبو داود والترمذي وصححه عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قراءة مفسرة حرفاً حرفاً.
وعن عبدالله بن مغفل، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجع في قراءته". وقال ابن عباس: "لأن أقرأ سورة وأرتلها، أحب إلى من أن أقرأ القرآن كله"، وقد نُهي عن الإفراط في الإسراع، ويُسمى الهذرمة، فثبت أن رجلاً قال لابن مسعود: "إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: هذا كهذ الشعر، إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع".
وقال ابن قدامة في المغني، والمستحب أن يأتي بها مرتلة معرّبة، يقف فيها عند كل آية، ويمكن حروف المدّ واللين، ما لم يخرجه ذلك إلى التمطيط.. فإن انتهى ذلك إلى التمطيط والتلحين كان مكروهاً، لأنه ربما جعل الحركات حروفاً، قال أحمد: يعجبني من قراءة القرآن السهلة. وقال: قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم". قال: يحسّنه بصوته من غير تكلُّف. اهـ. وقال -أيضاً-: تكره إمامة اللحان الذي لا يُحيل المعنى، نصّ عليه أحمد، وتصحّ صلاته بمن لا يلحن، لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمّده فتبطل صلاتهما.
وقال -أيضاً-: يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتّبة مشدّدة، غير ملحون فيها لحناً يُحيل المعنى، فإن ترك ترتيبها أو شدّة منها، أو لحن لحناً يُحيل المعنى، مثل أن يكسر كاف (إياك) أو يضم تاء (أنعمت) أو يفتح ألف الوصل في (اهدنا) لم يعتد بقراءته إلا أن يكون عاجزاً عن غير هذا. اهـ. وبهذا يعرف حد اللحن الذي يُبطل الصلاة، ولا شك أن الذي يكثر غلطه في الآيات والحروف لا تجوز إمامته مع وجود من يجيد القراءة. والله أعلم.
_______________________________
فضيلة الوالد الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأسأل الله لكم العون والتوفيق والسداد ، وإن يرزقكم السعادة والحسنى وزيادة وأرجو تكرمكم بالإجابة عن هذا السؤال:
س/ ما الرد على من قال إن قراءة القرآن بالتجويد واجبة وأن القارئ بدون تجويد يأثم ؟
وفقكم الله وسدد خطاكم
الجواب: قراءة القرآن بالتجويد مستحبة من غير إفراط وليست واجبة وإنما الواجب تجويد القرآن من اللحن والخطأ في الإعراب . والله أعلم
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
التجويد منه ما هو فرض كإخراج الحروف من مخارجها الصحيحة، وما هو مستحب كأطوال المدود والغنة ونحوها.
______________________________
هل من الممكن عند الاستشهاد بالآيات القرآنية عند الكلام عن موضوع ما بدون تجويد؟ وجزاكم الله خيرا
المفتـــي: مركز الفتوى islamweb
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن قارئ القرآن مطالب بأن يتلوه حق تلاوته، وذلك بتصحيح ألفاظه، وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة عن أئمة القراءة، والمتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما يقول ابن الجزري نقلا عن الإمام الشيرازي: حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته. انتهى.
وظاهر هذه العبارة يشمل كل قارئ في الصلاة وخارجها، وسواء كانت القراءة للتلاوة أو للاستشهاد.
إلا أنه ينبغي التفريق بين ما هو واجب من التجويد وبين ما ليس بواجب، فالذي يجب بالاتفاق هو ما كان متعلقاً بحفظ الحروف مما يغير مبناها، ويفسد معناها، فهذا النوع من التجويد يلزم كل قارئ مع القدرة عليه.
وأما ما كان متعلقاً بغير ذلك مما أورده علماء القراءات في كتب التجويد، كالإدغام والإخفاء... إلخ فهذا النوع لا يأثم تاركه، على الراجح من أقوال العلماء، لكن يستحب للقارئ مراعاة ذلك، يقول الشيخ علي القارئ مبيناً حكم اللحن الخفي في القراءة، وهو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ فيخل بعرف القراءة ولا يخل بمعنى الكلمة مثل ترك الإدغام والإخفاء وعدم ضبط مقادير المدود، يقول : لا يُتصور أن يكون فرض عين يترتب العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم، فإذا لم يكن فرض عين في التلاوة فمن باب أولى أن لا يكون كذلك عند الاستشهاد بالآية أو الآيتين.
والله أعلم.
_____________________________
السؤال هل التجويد بالقرآن في الصلاة واجب أم لا مع الدليل؟
الجواب أمر الله جل وعلا بترتيل القرآن الكريم وإعطاء كل حرف حقه فقال تعالى:{وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا} [المزمل:4] وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن الكريم أن قراءته كانت ترتيلاً لا هذا ولا عجلة، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً، وكان يقطع قراءته آية آية، وكان يمد عند حروف المد فيمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 6/ ص 393) [ رقم الفتوى في مصدرها: 10751]
_____________________________
السّائل:
ما حكم تجويد القرآن؛ هل هو واجب؟
أجاب فضيلة العلاّمة: (اللّحيدان)؛ حفظه الله تعالى:
إتقان القرآن بإخراج الحروف من مخارجها ـ على القادر على ذلك ـ: (واجب).
وأمّا: التّفنّن، والتّنطّع، والمدّ الزّائد، والضّغط القويّ على حروف الغنّة؛ بحيث تكاد الصّنعة أن تذهب بما يدعو للتّدبّر والتّأمّل، فلا يستحسن ذلك.
أمّا إخراج الحروف من مخارجها، وإعطاؤها حقّها في ذلك؛ فواجب على: (القادر عليه).
ومن لم يقدر؛ فيفعل ما يستطيعه؛ الّذي يقرأ القرآن وهو شاقّ عليه؛ يُتَعْتِع؛ له الأجر مرّتين، أمّا: (الماهر فيه)؛ فله شأن آخر!
ومن أجوبة المشايخ في هذه المسألة
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في كتابه إتحاف الجماعة (2|122)
باب ما جاء في الذين يتكلفون في قراءة التجويد
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: خرج علينا رسول الله ونحن نقرأ القرآن، وفينا العجمي والأعرابي. قال: فاستمع، فقال: (اقرؤوا؛ فكل حسن، وسيأتي قوم يقيمونه كما يقام القِدح؛ يتعجلونه ولا يتأجلونه).
رواه: الإمام أحمد ورواته ثقات، وأبو داود وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفي رواية لأحمد؛ قال: دخل النبي المسجد؛ فإذا فيه قوم يقرؤون القرآن؛ قال: (اقرؤوا القرآن وابتغوا به الله عز وجل من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح؛ يتعجلونه ولا يتأجلونه).
إسناده صحيح على شرط مسلم. وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه؛ قال: خرج علينا رسول الله يوماً ونحن نقتري، فقال: (الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقوم السهم؛ يتعجل أجره ولا يتأجله).
رواه أبو داود وإسناده حسن.
ورواه الإمام أحمد، ولفظه: أن رسول الله قال: (فيكم كتاب الله؛ يتعلمه الأسود والأحمر والأبيض، تعلموه قبل أن يأتي زمان يتعلمه ناس ولا يجاوز تراقيهم، ويقومونه كما يقوم السهم، فيتعجلون أجره ولا يتأجلونه).
وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" بنحو رواية أبي داود.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: بينما نحن نقرأ فينا العربي والعجمي والأسود والأبيض؛ إذ خرج علينا رسول الله ، فقال: (أنتم في خير، تقرؤون كتاب الله، وفيكم رسول الله، وسيأتي على الناس زمان يثقفونه كما يثقفون القدح، يتعجلون أجورهم ولا يتأجلونها).
رواه الإمام أحمد.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ قال: (أقرأ الناس لهذا القرآن المنافق؛ لا يذر منه ألفاً ولا واواً، يلفه بلسانه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها).
رواه عبد الرزاق، ورجاله كلهم ثقات.
وقد رواه ابن أبي شيبة بنحوه؛ إلا أنه قال: (عن حذيفة)، وزاد في آخره: (لا يجاوز ترقوته)، وإسناده كلهم ثقات.
وفي هذه الأحاديث فوائد:
إحداها: أن النبي كان يحب القراءة السلهة.
الثانية: أنه كان يأمر أصحابه أن يقرأ كل منهم بما تيسر عليه وسله على لسانه. الثالثة: ثناؤه عليهم بعدم التكلف في القراءة.
الرابعة: أنه لم يكن يعلمهم التجويد ومخارج الحروف، وكذلك أصحابه رضي الله عنهم لم ينقل عن أحد منهم أنه كان يعلم في التجويد ومخارج الحروف، ولو كان خيراً؛ لسبقوا إليه! ومن المعلوم ما فتح عليهم من أمصار العجم من فرس وروم وقبط وبربر وغيرهم، وكانوا يعلمونهم القرآن بما يسهل على ألسنتهم، ولم ينقل عنهم أنهم كانوا يعلمونهم مخارج الحروف، ولو كان التجويد لازماً؛ ما أهملوا تعلمه وتعليمه.
الخامسة: ذم المتكلفين في القراءة، المتعمقين في إخراج الحروف.
السادسة: الرد على من زعم أن قراءة القرآن لا تجوز بغير التجويد، أو أن ترك التجويد يخل بالصلاة، وقد أخبرني بعض من أم في المسجد النبوي أن جماعة من المتكلفين أنكره عليه إذ لم يقرأ في الصلاة بالتجويد، وما علم أولئك المتكلفون الجاهلون أن النبي أقر الأعرابي والعجمي والأحمر والأبيض والأسود على قراءتهم، وقال لهم: (كل حسن)، وأنه ذم المتكلفين الذين يقيمونه كما يقام القدح والسهم ويثقفونه ويتنطعون في قراءته كما هو الغالب على كثير من أهل التجويد في هذه الأزمان.
السابعة: الأمر بقراءة القرآن ابتغاء وجه الله عز وجل.
الثامنة: ذم من يأخذ على القراءة أجراً كما عليه كثير من القراء الذين يتأكلون بالقراءة في المآتم والمحافل وغيرها، وكذلك من يجعل القراءة وسيلة لسؤال الناس، وقد رأيتهم يفعلون ذلك في المسجد الحرام؛ يجلس أحدهم، فيقرأ قراءة متكلفة يتنطع فيها، ويعالج في أدائها أعظم شدة ومشقة، وتنتفخ أوداجه، ويحمر وجهه، ويكاد يغشى عليه مما يصيبه من الكرب في تكلفه وتنطعه، ويفرش عنده منديلاً أو نحوه؛ ليلقي في المستمعون لقراءته ما يسمحون به من أوساخهم، وهذا مصداق ما في حديث عمران بن حصين وحديث أبي سعيد رضي الله عنهما، وسيأتي في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الشيخ سعد الحصين حفظه الله في مقال له عن علم التجويد :
في استدلال بعضهم بقوله تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته } على وجوب التجويد عند تلاوة القرآن :
وإنما أتي الجميع من جهلهم بأقوال المفسرين القدوة، واعتمادهم على أنفسهم وفكرهم وهواهم، واتباع كل ناعق في القول على الله بغير علم.
أما المفسرون القدوة في القرون المفضلة فمنهم من قال بأن المقصود بهم من آمن من اليهود والنصارى (قتادة، واختاره ابن جرير رحمهما الله)، ومنهم من قال بأن المقصود بهم من إذا مرّ بذكر الجنة سأل الله الجنة وإذا مرّ بذكر النار تعوّذ بالله من النار (عمر رضي الله عنه)، ومنهم من قال بأن المقصود بهم: من يُحل حلاله ويحرّم حرامه ولا يحرف الكلم عن مواضعه (ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم)، ومنهم من قال: يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه (الحسن البصري رحمه الله)، وليس منهم من قال بأنهم المتفيهقون بالتجويد، وإنما أوتوا من قبل تصديقهم – دون تثبت – قول الناظم: (والأخذ بالتجويد حتم لازم).
وقد سئل ابن باز رحمه الله (وهو من نوادر من اهتم بمعرفة التجويد من علمائنا الأوائل)، عن دعوى مُدرِّس للتجويد: أن التجويد العملي واجب على كل مسلم ومسلمة مستدلاً بقوله الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلاً}، فأجاب بتاريخ 13/11/1415هـ بقوله:
"لا أعلم دليلاً شرعياً يدل على وجوب الالتزام بأحكام التجويد، أما قوله الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، فهو يدل على شرعية التمهل بالقراءة وعدم العجلة، ويؤيده قول الله تعالى: {ورتلناه ترتيلا}.
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن رأيه في تعلم التجويد والالتزام به فأجاب: .... "لا أدري وجوب الالتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة، وباب التحسين غير باب الإلزام .. وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل في إلزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله أو إجماع المسلمين، وقد ذكر شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في جواب له: أن التجويد حسب القواعد المفصلة في كتب التجويد غير واجب، وقد اطلعت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول حكم التجويد قال فيه: (ص50ج16): من مجموع ابن قاسم رحمه الله للفتاوى: ولا يجعل همه فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط، وغير ذلك؛ فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه".
قلت: وقد كرر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذه الفتيا عدة مرات في "نور على الدرب – إذاعة القرآن الكريم من الرياض"، فهو لا يرى وجوب الإلتزام بغير الرسم العثماني والإعراب المألوف وكلاهما لازم لتدبر كلام الله تعالى، ولا أرى وجهاً لتحسين القراءة بالإشمام في (تأمنّ)، والإمالة في (مجراها)، والسكتة اللطيفة في (من راق)، ونحوها، ولا في القلقلة الكبرى، ولا في التفريق بين المد المتصل والمنفصل (وجوباً أو جوازاً)، بل كل ذلك ونحوه كما نقل عن ابن تيمية رحمه الله: "حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه"، بل هو في رأيي تعسير لما يسره الله من كلماته لذكره. وقال بمثل قول ابن تيمية سلفه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" وخلفه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" رحمهم الله جميعاً. ونقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كراهته للإدغام والسكتات عند حمزة رحمه الله، وعن غيره كراهة الترقيق.
وقال بعض طلبة العلم المتأخرين من المأخوذين باصطلاح الوسطية الجديد بأن الإلتزام بأحكام التجويد المحدثة غير واجب بل هو نافلة، ولم يأتوا بدليل شرعي واحد على مشروعية هذه الحكام جملة ولا تفصيلاً، ولا يجوز أن يحكم بالوجوب ولا بالنفل ولا بالجواز ولا بالإباحة في شيء مما يتعبد لله به بغير دليل صريح صحيح، قال الله تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)؟
وقد يقبل من أحكام التجويد المحدثة ما يؤيده شرع الله في عمومه مثل الإظهار، لأن حرفاً أصلياً أنزله الله تعالى في كتابه لا بد من التلفظ به بقدر استطاعة المسلم وموافقته للغة قومه العربية الفصيحة، وقد تقبل القلقلة الصغرى لإظهار الحرف الساكن الذي لا يظهر إلا بها بشرط ألا يبدل السكون بحركة أخرى مثل الكسرة كما يفعل كثير من القرّاء عند لفظ (قد) و(أبواب) و(إبراهيم) فهذا تنطع منكر قد يصل إلى التحريف والتبديل عياذاً بالله، وإن من مكائد الشيطان ومصايده صد المسلم عن تدبر آيات القرآن الكريم (وهو فرض من فرائض الله) بما دون ذلك من النوافل فضلاً عن شقشقة معلم هذا البرنامج "وما يماثله من البرامج في هذه الإذاعة وما دونها من الإذاعات" وتشدّقه وتفيهقه وتنطعه بالمصطلحات المحدثة مثل: الاستعلاء والاستفال والانطباق والانفتاح والرّوم والإشمام ونحوها.
وإذا جاز تكلف القلقلة لإظهار حرف أنزله الله تعالى بلسان العرب فكيف يجوز تكلف إخفاء حرف أنزله الله بلسان العرب قوم رسوله؟ لا عجب، فالتكليف والتقليد (بلا دليل) يبعدان العبد عن الشرع والعقل فيُلزم نفسه وغيره بعبادة الله بما لم يشرعه تقرباً إليه بالغلو والابتداع والإسراف والانشغال بذلك عن هدي الله تعالى وهدي رسوله ؛ قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب}، وورد عن النبي أنه ذكر من علامات الساعة: "كثرة القراء وقلة الفقهاء"؛ ونرى اليوم كثرة الحرص على تحفيظ القرآن وتجويده وندرة العمل على تدبره، وحتى يضمن الشيطان صرف طلاب العلم عن التدبر إلى الحفظ والتجويد سول لبعض الدعاة إلى الله صرف اهتمامهم إلى سرعة الحفظ (بين سبعة وعشرين يوماً وستين يوماً)، وكان النبي ينهى أصحابه رضي الله عنهم عن قراءة القرآن في أقل من سبع (عند البخاري) وثلاث (عند غيره) خشية من عدم تدبره حق تدبره فكيف بالتنافس على سرعة حفظه؟
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من شباب (يحقر الناس قراءتهم عند قراءتهم) ولكن (قراءتهم للقرآن لا تتجاوز تراقيهم) لأنهم لا يفقهون ما يقرؤون وبالتالي لا يعملون به بل بأهوائهم فيميلون عن السنة ويخرجون عن الجماعة والإمامة.
وذكر ابن تيمية رحمه الله من أصناف من يسيء سماع القرآن (ومثلهم من يسيء تلاوته) قوم يسمعونه ولا يفقهونه (وأنى لهم العمل به بَله تبليغه)، مستدلاً بقول الله تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء}. [مجموع الفتاوى ج16 ص8-12].
وتلاوة القرآن حق تلاوته لا يمكن أن تتحقق إلا بالتأسي برسول الله وقد تميزت تلاوته كتاب الله الذي أنزله الله على قلبه بأربع ليست أكبر هم المجوزين ولا تبرز بين قواعد التجويد المحدثة: 1- كانت قراءته مداً؛ يمد (بسم الله) ويمد (الرحمن) ويمد (الرحيم).
2- وكان يترسل في قراءته فلو شئت لعددت حروفها حرفاً حرفاً.
3- وكان يقف على رؤوس الآي كما شرع الله لعباده ولآيات كتابه، ولو تعلقت الآية بالآية بعدها، ولم يعرف عنه أنه جمع بين آيتين أو أكثر ولا استعجل الختمة ولا وقتها بليلة 27 مثلاً.
4- وكان إذا مر بآية رحمة سأل الله الرحمة وإذا مر بآية عذاب استعاذ بالله من العذاب وإذا مر بآية تسبيح وحمد سبح الله وحمده. وكان إذا قرأ آية : (سبح اسم ربك الأعلى) قال: (سبحان ربي الأعلى)، وإذا قرأ آية : (أليس الله بأحكم الحاكمين) قال: (اللهم فبلى)، ونحو ذلك لا في صلاة الليل وحدها بل مطلقاً.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته.
رأي شيخ الإسلام وابن القيم في تفنيد التجويد بمفهومه الحالي
شدد شيخ الإسلام النكير على التجويد بمفهومه الذي يدرّس به الآن ، وأخص بالذكر منه التفاصيل الدقيقة التي ذكره الشيخ وتلميذه مما سيأتي ، ولكن أطمح من الإخوة إذا كان ثمة رأي للفقهاء في هذه المسألة أن يذكروه حتى تعم الفائدة في عرض جميع أقوال العلماء .
نقل هذا الرأي عن شيخ الإسلام وابن القيم ابنُ قاسم في الحاشية (2\209 ) ؛ وأحببت أن أنقله من المصدر لتعم الفائدة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(( ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة فى خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه وكذلك شغل النطق ب أأنذرتهم وضم الميم من عليهم ووصلها بالواو وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت مجموع الفتاوى )) (16\50) .
وقال ابن القيم : (( فصل ومن ذلك الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها ونحن نذكر ما ذكره العلماء بألفاظهم قال أبو الفرج بن الجوزي قد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد في إخراج ضاد المغضوب قال ولقد رأيت من يخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده والمراد تحقيق الحرف حسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس وقال محمد بن قتيبة في مشكل القرآن وقد كان الناس يقرؤن القرآن بلغاتهم ثم خلف من بعدهم قوم من أهل الأمصار وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة ولا علم التكلف فهفوا في كثير من الحروف وذلوا فأخلوا ومنهم رجل ستر الله عليه عند العوام بالصلاح وقربه من القلوب بالدين فلم أر فيمن تتبعت في وجوه قراءته أكثر تخليطا ولا أشد اضطرابا منه لأنه يستعمل في الحرف ما يدعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره بغير علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المد والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المذهب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله تعالى وتضييقه ما فسحه ومن العجب أنه يقرىء الناس بهذه المذاهب ويكره الصلاة بها ففي أي موضع يستعمل هذه القراءة إن كانت الصلاة لا تجوز بها وكان ابن عيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرفه أو ائتم بإمام يقرأ بقراءته أن يعيد ووافقه على ذلك كثير من خيار المسلمين منهم بشر بن الحارث والإمام أحمد بن حنبل وقد شغف بقراءته عوام الناس وسوقتهم وليس ذلك إلا لما يرونه من مشقتها وصعوبتها وطول اختلاف المتعلم إلى المقرىء فيها فإذا رأوه قد اختلف في أم الكتاب عشرا وفي مائة آية شهرا وفي السبع الطوال حولا ورأوه عند قراءته مائل الشدقين دار الوريدين راشح الجبين توهموا أن ذلك لفضله في القراءة وحذقه بها وليس هكذا كانت قراءة رسول الله ولا خيار السلف ولا التابعين ولا القراء العالمين بل كانت سهلة رسلة وقال الخلال في الجامع عن أبي عبدالله إنه قال لا أحب قراءة فلان يعني هذا الذي أشار إليه ابن قتيبة وكرهها كراهية شديدة وجعل يعجب من قراءته وقال لا يعجبني فإن كان رجل يقبل منك فانهه وحكى عن ابن المبارك عن الربيع بن أنس أنه نهاه عنها وقال الفضل بن زياد إن رجلا قال لأبي عبدالله فما أترك من قراءته قال الإدغام والكسر ليس يعرف في لغة من لغات العرب وسأله عبدالله ابنه عنها فقال أكره الكسر الشديد والإضجاع وقال في موضع آخر إن لم يدغم ولم يضجع ذلك الإضجاع فلا بأس به وسأله الحسن بن محمد بن الحارث أتكره أن يتعلم الرجل تلك القراءة قال أكرهه أشد كراهة إنما هي قراءة محدثة وكرهها شديدا حتى غضب وروى عنه ابن سنيد أنه سئل عنها فقال أكرهها أشد الكراهة قيل له ما تكره منها قال هي قراءة محدثة ما قرأ بها أحد وروى جعفر بن محمد عنه أنه سئل عنها فكرهها وقال كرهها ابن إدريس وأراه قال وعبدالرحمن بن مهدي وقال ما أدري إيش هذه القراءة ثم قال وقراءتهم ليست تشبه كلام العرب وقال عبدالرحمن بن مهدي لو صليت خلف من يقرأ بها لأعدت الصلاة )) إغاثة اللهفان (1\160) .